يقول طيب الذكر اينشتاين : ( إن العقول التي تخلق المشكلة , لا يمكن أن تكون جزءاً من حلها ) ..قامت صحيفة الرياض بعرض فتوى لأبن باز , يجيز فيها ( عمل المرأة ) عند الضرورة , وكأن الجريدة في ذلك تتحدث عن رجل نذر عمره للإنسان , ولحقوق المرأة , وللاهتمام بظروف المواطن , أو لرجل مجدد ومتجاوز لعقلية التراث , ومنطق ( الفتنة ) و ( العورة ) , وكأنها تتحدث عن الإمام محمد عبده , أو الإمام الطاهر بن عاشور , من أعلام التجديد الديني ..أن جريدة "الرياض" التي تستند إلى رأي لأبن باز _ مع أن أبن باز نفسه له أراء أكثر , تعارض عمل المرأة , و ( تقطع ) بحرمة ( الإختلاط) _ هي تعود بنا إلى نقطة الصفر ..فبدلاً من أن يعلم المواطن , وصناع القرار أن مشكلتنا ليست مع "رأي فقهي" يوجد من يعارضه داخل المؤسسة الدينية , وإنما مشكلتنا مع عقلية "المؤسسة" نفسها , وعدم قدرتها على تجاوز ذاتها .. تأتي "الرياض" لتحاول أن تقوم بإنعاش رئوي لهذه المدرسة "الدينية" التي لا تمت إلى الواقع بصلة ..فحينما نعلم أن فتاوى الهيئة , لا يعتد بها , حتى بالنسبة للدولة , وحتى بالنسبة للمؤسسات , والمراكز التجارية التي تعمل بها المرأة , فلماذا تؤخذ هذه الفتوى بالاعتبار ؟! لماذا المحلات التجارية , لا تجد حرجا في بيع الدخان , والرسيفرات , والمجلات , وهي من ( المحرمات ) بالنسبة للهيئة , بينما حينما يتعلق الأمر بتوظيف "المرأة" تؤخذ هذه الفتوى بالاعتبار ؟! مع أن هذا لم يحدث _ ولكن على أفتراض أنها فعلت _ .. أن الهيئة التي تقرر بالإجماع أن ( الاختلاط) محرم , هي تقرر ( فسق الدولة ) .لأن ارتكاب ما هو مجمع على تحريمه "فسق" ..فهل ستأخذ الدولة بهذا الفتوى التي تهدف إلى إسقاط "عدالتها" , ووصفها "بالفسق" ؟! ..ولهذا كان لا بد من تجاوز المدرسة "الدينية" تبعا لهذا الاعتبار المهم جداً ..وكان المواطن المثقف مستبشرا بقصر الفتوى على الهيئة , لعلمه أن الهيئة , لن تكون متماهية ومتحركة مع "الواقع" , وهذا سيفضي إلى تحجيم , وبعد خطابها عن الواقع , وهذه خطوة مهمة جداً في تحييد الخطاب الديني في المجتمع , وقراراته التنموية , فمنذ توحيد المملكة , لم يساهم "الديني" في أي عمل حداثوي , أو تنموي , بل كان ممن يرمي العصي في دواليب التنمية ..أن الشعب يسمح لبناته بالاختلاط في البنوك , والمستشفيات , والشركات الكبرى , والجامعات "كاوست" , وكذلك في برامج الأبتعاث , دون حاجة الشعب لتبرير ديني لأي فرد من أفراد المؤسسة الدينية , فمع إبقاءهم على حكم "حرمة الاختلاط" إلا أن الشعب وحكومته , يسيرون في هذا الطريق , دون إلتفات إلى تلك الفتاوى , المغرقة في "الفتنة" و "الماضوية" ...ما الهدف من محاولة تلميع آراء هذه المدرسة ؟! دون حاجة الشعب إلى ذلك ؟! إلا محاولة تطبيع الخطاب الديني في المجتمع , مع ما تقدم أنه خطاب يهدف إلى تفسيق الدولة , ووصف القضايا الخلافية بأنها قضايا قطعية , مما يستلزم ارتكابها "الفسق" أو التكفير ..ثم أن الحاجة تبرر حتى المحرمات , وبالتالي الفتوى ليس فيها أي تقدم ..بل أن الفقهاء يقولون : ان ما يحرم وسيلة يباح عند الحاجة , وما يحرم لذاته يباح عند الضرورة ..وتحريم الاختلاط عندهم هو تحريم للوسيلة , وبالتالي مجرد الحاجة تبيحه لا الضرورة ..والحاجة أقل من الضرورة ..وتقديرها يعود لذات الشخص نفسه ..فليس بالضرورة أن تكون من تريد العمل فقيرة معدمة , وإنما مجرد أن تريد أن تجد نفسها في العمل , ويكون لها مصدر دخل مستقل , هو مما يبيح ذلك ..أنني ريد أن اؤكد ان الدولة والشعب هم أكثر تقدما من عقلية "الهيئة الدينية" , وأن محاولة عقلنة بعض "الآراء" للهيئة , سيعيدنا إلى المربع بالأول , وسنكون ملزمين بما تقوله الهيئة , وقد علم القراء أن ما يلزمنا قبوله حينما نأخذ بأقوالها , هو الطعن بالمجتمع وبحكومته ..أن ما يجب تسليط الضوء عليه , هو في بيان عدم إلزامية هذه الفتاوى , وعدم قدرتها على التماهي مع الواقع ..وإذا كانت الجريدة تريد الأخذ بفتاوى أبن باز , فلماذا لا تأخذ بفتواه في تحريم "الإختلاط" , أو فتواه الطامة التي يرى فيها أننا متى ما صارت لنا قوة عسكرية , فيجب أن نقوم بحرب "شعواء" على العالم أجمع ..!ذلك أن العقول التي تخلق المشكلة لا يمكن أن تكون جزاً من حلها ..
ملحوظة : بعض رجال الدين يقول بدلا من أن تعمل المرأة كاشيرة "يجب" على الدولة أن توفر فرص عمل ..والسؤال : حتى يحدث هذا "ال يجب" ماذا تفعل المرأة ؟! تشحذ حتى يحدث الله بعد ذلك أمرا ؟!
الأربعاء، 10 نوفمبر 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Love it to death
ردحذفThanks for your usual amazing critical way of thinking and looking to things
I'm so amazed by this post
wish you all the best
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفIt`s my pleasure to write what u think is amazing ..
ردحذفthank`s alot
كل سنة وانت بخير
ردحذففي الصميم ...
ردحذف