الاثنين، 23 مايو 2011

الإمبريالية الإسلامية والمسيحية ..

كان المجتمع الجاهلي_مع التحفظ على هذا الوصف_ مجتمعاً مثقفاً وتعددياً ..وكان في الكعبة أكثر من 300 مائة صنم , تمثل إتجاهات دينية عديدة , وكل صاحب دين يأتي ليمارس طقوسه العبادية الخاصة , دون اعتراض . وحينما ظهر محمد "ص" لم تكن ثمة مشكلة في ظهوره... , ولم يتعرض له أحد , إلا في بعض الروايات اللاحقة التي تحاول أن تضفي بعد ميلودرامي للدعوة المحمدية ..ولم يتعرض للتعذيب إلا العبيد ليس بحكم اسلامهم , وإنما خشية من كسر النظام الإقتصادي والإجتماعي السائد , وخشية من ثورة العبيد على اسيادهم ..وهو وضع _أي الرق_ لم يرفضه الإسلام وأبقى عليه ..أما ترتيب عقوبة "تحرير رقبة" في بعض العقوبات , فليس الهدف التحرير , وإنما لأنها عقوبة كبيرة وفيها خسارة مادية كبيرة , تردع مرتكب الذنب عن ارتكابه مرة أخرى , ولم يكن القصد منها , إلغاء نظام الرق ..هذه نقطة أولى ..النقطة الثانية : أن أي تجمع بشري في رقعة جغرافية معينة , يكون دخله محصور في طبيعة هذه الرقعة الجغرافية , وبطبيعة النمو والتكاثر لهذا المجتمع , تكون الموارد الموجودة غير كافية , ومن هنا تأتي فكرة الغزو على الآخر ..وإن كان يغلف بشعارات من قبيل الفتح الإسلامي , أو نشر الديمقراطية لاحقاً ..بينما الهدف منه هو اقتصادي و لتوفير مصادر دخل أكثر , وإن كان يمكن دخول شعارات من هذا القبيل إلا أنها ليست من جوهر مثل هذه الإمبرياليات ..فكرة أن الغزو الإسلامي كان من أجل أن يدخل الناس في الدين , هو تماما مثل تصور المسيحيين عن الحملات الصليبية ..كل شخص يتصور أن دينه الأفضل والذي يجب أن يبشر به , وهذا حق لكل شخص أن يدعي ما يشاء , ويبشر به .لكن فرضة بقوة السيف أو التوماهوك , هو ضد القيم وضد الأخلاق وضد طبيعة الدين نفسه , بحسابنه علاقة خاصة بين العبد وبين ربه تقوم على الإيمان لا على الإكراه ..وبالتالي حتى يكون الموقف الأخلاقي للشخص موقف متماسك عليه إما أن يرفض فكرة الغزو كائن ما كان الشعار المرفوع , أو يقبل كل حالات الغزو كائن ما كان شعارها . وأنه بغض النظر عن الإنتماءات الدينية إلا أن التعدي على أي شخص تحت أي شعار هو فعل لا أخلاقي ..ولان الشيء بالشيء يذكر فقد كانت فكرة النباتيين في رفضهم أكل الحيوانات , ليست هل هي تفكر أو لا , وهل هي تعقل أم لا ؟ وهل هي تتكلم أم لا ؟ وإنما السؤال المهم : هل هي تتألم أم لا ؟! وطالما هي تتألم فمن غير الأخلاقي إحداث فعل الألم بمن يشعر بالالم بحجة عدم قدرته على التعبير عن هذا الألم ..مثلا هل يصح لك تعذيب شخص أخرص ؟! او شخص مجنون ؟! لأن الأولى لا يستطيع أن يعبر عن الألم , والثاني غير عاقل ؟! أم لا يصح فعل ذلك في الحالتين لأنهما يحسان ؟! وهذا هو المحك "الإحساس"..والله المستعان ..!

في مفارقة الشيخ والسرسري .

هو : شيخ من شيوخ الأحتساب , لا يشق له غبار , لأنه بكل بساطه لا يثير إلا الغبار ..

معيض : شيخ من شيوخ السرسره , لأنه بكل بساطه عاطل عن العمل والأخلاق ..

هو و معيض : لا ينظران للمرأة إلا انها فتنة وجسد ..وكلاهما تبعا لهذا التصور لطبيعة المرأة ي...يقومان بمضايقة المرأة , أما بفرض ان تأخذ رقم معيض , أو أن تأخذ تعليمات فضيلته ... كانت الغاية لكليهما أنها "مشتاهه", لمعيض "صديقه" ولفضيلته "صديقة مسيار" ..

المفارقة أنه رغم هذا التماثل والتطابق في الدافع , السلوك , الغاية بينهما ..لا يصح لك أن تصف فضيلته بالسرسري , ولا أن تصف معيض بفضيلته ! ...

تحريم قيادة المرأة للسيارة والحنتور ..

كتبت احدى الأخوات _مستفهمة مستنكرة_ سؤال : لو أن امرأة في أحد الشوارع السعودية تقود عربة يقودها حصان , هل سيتم القبض عليها ؟! وبأي تهمة ؟! ॥الجواب في الرد القادم والله المستعان , وكفانا الله شر بني علمان
الجواب : نعم سيتم القبض عليها بتهمة مخالفة الشريعة ..لانها امرأة وتقود حصان ..والحصان ذكر , والذكور من أي جنس , قوامون على الأناث من كل جنس ..ولكن هناك رأي فقهي آخر أن العربة أنثى ويقودها الحصان ..وهذا جائز لان الحصان "ذكر" يجب أن يكون في ا...لمقدمة ..ولكن من باب سد الذريعة بين الحصان والعربة ..يجب المنع ..!وهناك تخريج جيد وهو : أن يترك الحصان يقود العربة ..وتقوم المرأة بالجري خلفهما ..فهنا يتحقق التالي : 1- أن المرأة لا تقود الحصان ..2- أن يبقى الحصان قوام على العربة ..والله الهادي ..!


الجمعة، 22 أبريل 2011

عفن نادين البدير , لا عفن الليبرالية ..

مقال نادين البدير عن (العفن الليبرالي) هو مقال سخيف , من كاتبة ليس لها في الفكر ناقة ولا جمل مع الاسف الشديد ॥إنها لا تعرف شيئا مطلقا عن الوضع السعودي , وعن ما فعله الليبراليون , وكيف أن اللبرالي السعودي لا يواجه فقط استبداد سياسي , وإنما ديني , وقبلي , وفئوي , ومناطقي । كل الدوائر الإجتماعية في البلد هي دوائر استبداد تتولد منها دوائر استبداد حول الليبرالي । ومع ذلك في كل القنوات الممكنة حضر صوت الليبرالي في الاصلاح , وفي نقد الخطاب الديني । لكن ماذا تريد الأخت بدير ؟! تريد بلطجة كتلك التي يمارسها الإسلامويون في المجتمع السعودي تحت دعوى "الاحتساب" । أن التيار الديني السعودي هو التيار الذي يجوز له التجمع , وله نصف مليون محاضرة سنوية , غير خطب الجمعة , وهم الذين يكتبون مناهج التعليم । لقد جعلتهم الدولة خلال أربعين سنة يعيدون تشكيل البنية الفكرية والثقافية للمجتمع । ثم تريد من اللبرالي أن يملك عصى سحرية ليحول المجتمع إلى مجتمع لبرالي ॥ما هذا السخف والغباء ؟! أي متابع للمنتديات الليبرالية والصحف الليبرالية السعودية , يدرك كيف أن الخطاب الليبرالي السعودي كان بالمرصاد أن تحليلا أو تفكيكا أو كشفاً عن حماقات وسذاجات الفكر الديني ॥ثم تتحدث أن اللبرالي إذا سئل هل هو لبرالي , لا يصرح بذلك _وهذا الكلام غير صحيح على اطلاقه ولكن فرضا_॥ فكان ماذا ؟! أن سؤال اللبرالي هل هو لبرالي , هو مثل سؤال شخص هل هو كريم أو بخيل ।ها سؤال غبي , من يحكم على شخص بأنه لبرالي أو كريم , هي أفكاره ومبادئه , وليس هو وما يدعيه لنفسه , فالدعاوى عريضة ولا تثبت إلا بدليل . هذه شكليات غبية جدا ॥إن العمل الذي يجب أن يضطلع به المثقف في مجتمع متخلف , هو في تطبيع المفاهيم والمضامين لا الإنشغال في المسميات والشكليات ॥هذا المجتمع الذي تعرض لخطاب تشويه للعلمانية ولليبرالية , لماذا على المثقف أن يصنع حاجز نفسي بينه وبين هذا المجتمع حينما يصنف نفسه لبرالي ؟! مع قدرته على تسويق كل افكاره الليبرالية دون أن يثير خوف وقلق الناس , الذي تواطئ في خلقه الديني والسياسي . المجتمع يجب أن يعالج بطريقة "إزالة التحسس الديسنستايزيشن" وليس عن طريق "الغمر" ॥الناس تمارس افكارها ثم لاحقا تنحت المصطلحات الوصفية لهذه الافكار , الناس مارست اللغة ثم لاحقا وضعت قواعد اللغة , الناس مارست الليبرالية ثم لاحقا نظرت لها , الناس مارست القانون , ثم لاحقا قامت بوضع مدوناتها القانونية ..الإنشغال بتطبيع مفهوم الليبرالية في المجتمع , قبل تطبيع وتجذير مفاهيمه , هو حكم بفشله ابداء , وهو عكس لطبيعة الأشياء ..ولهذا اقول دوما للأخوة : لا تكتبوا مقالا عن الليبرالية , وإنما عن مضامين الليبرالية , أكتب مقالا أو تحدث عن :حرية المعتقد , حرية التعبير ,حرية المرأة , تفعيل مؤسسات المجتمع المدني , توسيع المشاركة المشاركة الشعبية , فصل السلطات ..هذه المبادئ يحبها الجميع , ولا توجد هناك اي حساسية منها , وحينما تطبعها في المجتمع , وتجذرها في الوعي العام . أكتب حينها مقالا عن الليبرالية أو العلمانية وقل للناس : إن هذه المصطلحات التي تخشون منها , هي بحقيقتها وبمضامينها , المبادئ التي تؤمنون بها وتمارسونها كما تقدم ..أن نادين مع الأسف الشديد لا تع ولا تعرف الصعوبات والتحديات التي تواجه المثقف الليبرالي في السعودية ..فرائف بدوي لانه أنشأ الشبكة الليبرالية السعودية , أمر المفتي وزارة الداخلية , بتجميد حساباته البنكية , ومنعه من السفر ..بينما حينما جاءت المجموعات الدينية لمعرض الكتاب ,و خربت , ودمرت , وكفرت . أنطلاقا من فتوى بعض المشايخ بأنه مكان للكفر وترويج الرذيلة . لم يحاسب اي من مشايخهم , والبلطجية تم حجزهم ليلة واحدة فقط , ثم ذهبوا ..يا جماعة الخير , شيء من المعقولية رجاء ..حينما خرج الودعاني المعارض في الرياض للمطالبة بمملكة دستورية , هاجمه الناس بحجة انه "رافضي" ! , وكادوا يقتلونه لولا تدخل الشرطة !. لقد كاد الشعب أن يقتل من خرج من أجله !! وحمته الحكومة التي خرج عليها !..أمام هذه العقلية متخلفة , و التي تقوم على المذهبية , والفئوية , هل تريد لليبرالي أن ينزل للشارع مثلا , حتى يحتاج للشرطة لتحميه من الناس , الذي خرج من أجلهم ؟! هذا سخف وغباء ..نعم إذا كانت ندين وبعض الليبراليين يريدون طرح رديكالي , لا يضع بالحسبان الوعي جمعي , وكيفية الرفع منه بطريقة لا تؤدي إلى فقده ..نقول لهم : تفضلوا , أهلا وسهلا ..مع علمنا من خلال سنواتنا الطويلة أن الذين تبنوا الطرح الليبرالي الرديكالي , ظل خطابهم خطاب يعاد تدويره في الوسط النخبوي فقط, وليس له أي حضور في الشارع , الذي يفترض من المثقف أن يساهم في تشكيله والرفع من مستواه الفكري . الخطاب الرديكالي ظل خطابا يعاد تدويره في صالونات النخبة دون فاعلية شعبية ذات قيمة..بينما بقيت الساحة فاضية للديني وللمتخلف حتى يقوم بادلجة الشعب , بلغة يفهمومنها , وبمادئ يؤمنون بها ..ولأن على الليبرالي أن يؤمن باللعبة الديمقراطية , وصناديق الأقتراع , سيصعد هؤلاء المتخلفون ليكونوا هم صناع قرار , ويدخلون البلد في قرون مظلمة , بينما الليبرالي الرديكالي يولول في صالوناته الخاصة , التي دور بها خطابه المرات تلو المرات .وترك الشارع لغيره ! ...

الاثنين، 14 مارس 2011

يوسف الأحمد , والدور الحقوقي المزعوم ..!

هناك مقولة جميلة لأينشتاين : ( العقول التي تكون جزء من المشكلة , لا يمكن أن تكون جزءاً من الحل) .. نقل أحد الأخوة مقطعا ليوسف الأحمد , يوجه فيه رسالة لمحمد بن نايف , بخصوص المعتقلين . ويرى هذا الأخ أن الأحمد هنا تجاوز التيار السائد الذي ينتمي إليه , وأنه في هذا الخطاب إلى محمد بن نايف , ينطلق من موقف حقوقي وإنساني يشكر عليه ..ولي مع هذا الكلام وقفات :

أولاً : الأحمد قاد عملية ( بلطجة احتسابية ) في معرض الكتاب , دون أدنى اعتبار لحقوق الإنسان , وكرامته , أو حتى قهره ..ومارس وصاية فجة , ومصادرة لكل الاتجاهات , والأفكار ..و هو بذلك أخطر من المستبد السياسي الذي تحركه المصلحة , فهو يتعبد الله في التعدي على الناس , تحت شعار : ( إنكار المنكر ) وهو يرى أن من يخالفه ضال مضل , وأنه هو الوحيد الذي يقرأ النص كما يريد الله للنص أن يكون ..إذن المتابع لهذا المعتوه يدرك أنه ) مستبد ديني ) وممارس (للعنف ) في فرض توجهه الديني ..فهو ينهى عن خلق ويأتي بأقبح منه ! ..

ثانياً : في هذا الخطاب , لا ينتصر الأحمد للإنسان , أو للحقوق ..هو ينتصر لفئة وطائفة معينة عبدالله السعد , الريس , عبدالعزيز الجليل , سليمان العلوان , وباقي التوجهات التي تتبنى العنف , انطلاقا من تصور ديني ضيق , كما هو الحال بالنسبة للأحمد نفسه , الذي ليست عنده هو كذلك مشكلة في تبني (العنف) لفرض توجهه الخاص , وكسر احتكار الدولة للعنف , وقلب البلد على مليشيات تمارس العنف تبعا لتصورها الأيديولوجي الخاص ....فالشخص الحقوقي المحترم , هو من ينتصر لحقوق الجميع , بغض النظر عن الانتماء الايدولوجي والفئوي للمساجين ..

ثالثاً : تضخم الأنا , وهو أنه قام بهداية المئات من الشباب "كذا" ! ..وأن طالب علم وصاه على بيته ..والحقيقة لا أعلم كيف يمكن لشخص يحترم نفسه أن يوصي يوسف الأحمد على بيته .! فالأحمد تبعا لتصور سيكولوجي وأيديولوجي لا ير المرأة إلا ( فتنة ) و ( عورة ) ..ولهذا كان يقاتل قتال شرس ضد الاختلاط , لأنه لا يتصور أن توجد هناك صلة بين الرجل والمرأة إلا أن تكون صلة ( جنسية ) ..فالذي ينطلق من هذا التصور , لا يمكن أن يستأمن على أي امرأة , لأنه يستبطن مسبقا "فتنتها" ضمن قولبة (جنسية ) لها , يتعبد الله بها ...!!

رابعاً : لا يعرف للأحمد أي نشاط إصلاحي , فهو دائما مشغول بقضايا "النساء" , كأنه السيدة "جويل" في الأم بي سي , ولكن بالجهة المضادة ..وفي مقال ساخر لخلف الحربي , ذكر أن الأحمد يغار من زوجة عادل فقيه , لأنها ذات نشاط احتسابي اجتماعي رائع , في توظيف ودعم العمل النسائي , والجمعيات التنموية , والخيرية , بينما الأحمد ظل مشغولا بعورة المرأة والحفاظ على فرجها ! ..

خامساً : هذا الخطاب أتى بعد خطابه السابق , في المطالبة بالإفراج عن بعض (البلطجية ) المخربين في معرض الكتاب , فهو لا يدافع عن المفكرين والمثقفين الذين يطالبون بالإصلاح , ولا يستخدمون العنف في فرض قناعاتهم الدينية..بل هؤلاء عنده يجب أن يحاسبوا لأنهم مفسدون في الأرض , يسعون لتغريب المرأة المسلمة , طبعا كل من يختلف مع قراءة الأحمد الدينية هو تغريبي ! . فهذا هو صاحب الخطاب الحقوقي والإنساني الرفيع :) ..

سادساً : ظهر الأحمد بعد دعم من بعض القوى بشكل قوي , في هجوم ضد خالد التويجري ..وكان الهدف , هو إقناع القوى الأصولية , أن القرارات التي أتخذها الملكة عبدالله , والتي يصفها هؤلاء الأصوليون "بالتغريبية" هي بسبب خالد التويجري , وإلا الملك على الفتوى السائدة , ومع العلماء ! ..وكان هذا لكسب تعاطفهم , ظنا منهم أنهم سيلعبون دور في كبح ثورة حنين , والتي كان سبب عدم ظهورها ليس الموقف الديني , وإنما الوعي السياسي المتدني , وحداثة التجربة في المجتمع السعودي ..!وإلا الشعب وحتى الدولة نفسها تجاوزا الخطاب الفقهي والتقليدي الجامد لهيئة كبار العلماء , مع التقرير أن الفتاوى ليست ملزمة ..

سابعاً : ما هي الممارسات التي يرفضها تيار الأحمد ؟! الأحمد لم يدعوا للملكية الدستورية . ولا إلى فصل السلطات , و لا إلى حق التظاهر والتعبير السلمي , لم يطرح أي فكرة لا يؤمن بها التيار الذي ينتمي إليه .. كذلك لم يطالب بحقوق من يختلف التيار الذي ينتمي له الأحمد معهم مذهبيا أو أيديولوجيا ..الأحمد يطالب بالإفراج عن المحتسبين الذين تورطوا في العنف , وطلاب العلم _حسب وصفه _ الذين يجب أن يكونوا في هيئة كبار العلماء , من أصحاب الفتاوى المتطرفة ..فأي فكرة جديدة أو إصلاحية ذكرها الأحمد ؟! طبعا المطالبة بالعفو عنهم , كانت بعد مدح لوزير الداخلية ونائبه , وتجاوزهم عن من تورطوا بعنف أشد , وبالتالي تبعا للقياس الأولوي , يجب الإفراج عن البقية ممن لم يمارسوا القتل حتى الآن , فهم مازالوا في طور "الضرب" و "التعدي" ليس إلا ..أما باقي التوجهات فيجب محاكمتها لأنها تعيث في الأرض فسادا , وتريد تغريب المجتمع ...ونعم الحقوقي , وصاحب اللغة الحقوقية الممتازة :) ...

الأحد، 6 مارس 2011

ساعتك أبرك يا (عبدالله الجاسر ) ..

في الفلم الشهير لميل قبسن ( القلب الشجاع ) , يشير أحد أعوان الملك على الملك , أن يرسل ابنه للتفاوض مع الثائر الأسكوتلندي ( والاس / ميل قبسن ) يرد الأب /الملك : لو بعثت أبني إليه , فسيطمع بعرشي , أصغر راعي في سكوتلندا ! ..هذا بالضبط ما حدث مع "عبدالله الجاسر" و (ساعته المباركة ) حينما سأل عن الحسبة _ والتي لا تعني ألا الوصاية , والتطفل , من قبل أطفال , وأزلام , ينساقون كالبهائم , ويتدافعون لتقبيل رأس شيخهم , الذي أدرك أنه لو عرض للبيع _أي رأسه _ في أي مزاد لحقق قيمة عالية , ليس لأنه يحمل شيء مهم , ولكن لأنه قليل الأستخدام , ولم يستهلك ! _إذ قال : ( أبركها من ساعة ) , وطمع به أصغر صعلوك محتسب ! ..اليوم في المعرض في كل زاوية , وفي كل ناحية , وفي كل حاوية , يوجد "متحسب" , من الحجم العائلي , وحتى "البيبي مطوع" , لدرجة أنني كلما أخذت كتاب , نفضته خشية أن يوجد به "محتسب" , من أصحاب ( الساعة المباركة ) ..طبعا أنا لن أوجه أي نقد لهؤلاء , الذين يفتقدون إلى الحس الذوقي , والأخلاقي , والمعرفي . والذين كانوا يتطفلون ويحتسبون : تغطي يا مره , وقرن في بيوتكن , لا تصور , لا حول الله , الرجال اللي خلاف عمرو سليمان ! ..لأن النقد حتى يكون فاعل ومؤثر في المنقود , يجب أن يتوافر في المنقود حد أدنى من الفهم والوعي , وهذا لو وجد في هؤلاء لما وجدوا في هذه الهيئات , وبعضهم كان يرتدي الزي "البنجابي" دلالة على الولاء التام والمطلق للنموذج "الطالباني" , هذا عدا الهيئات الرثة , والأسلوب الهمجي , من ضرب للمراسلة , ومحاصرة المذيعات ,وقطع للبث , وقلب الكتب على الطاولات , والتطاول على أصحاب دور النشر . وهنا تجد أثر التربية الدينية المباركة عليهم , فليس أحد بحاجة إلى أن يعرف القيم الدينية التي تستزرعها الصحوة , فقط عليه أن يرى سلوك هذه الكائنات , التي كانت تشبه الممسوخين في الفلم البريطاني ( 28 أسبوع ) ..أننا مع الأسف في تعاطينا مع العنف الديني , لم نسعى إلى تفكيك البنية المشكلة لهذا الفكر , وإنما نعالج العرض دون المرض , ونقتل البعوض دون ردم المستنقع ..ولا نقف بصورة جادة وحقيقة , مع الإشكالية الدينية , والصحوية في البلد . وإنما ننتظر هؤلاء حتى يتحولوا إلى العنف المسلح , مع العلم أن العنف اللفظي , والعنف بأستخدام اليد , هو "إرهاب" , وهو لا يختلف نوعياً , عن الإرهاب المسلح ..

ولأنه مامن محنة إلا وفي طيها منحة , فقد أنتابتني حالة فرح , حينما رأيت كيف أن السحر أنقلب على الساحر , وكيف أن الأفعى ألتفت على زمارها ..فالجاسر صاحب ( الساعة المباركة ) كان يظن أن الفعل الأحتسابي سيوجه ضد المواطنين , الذين هم بنظره , قصر , يحتاجون وصاية معرفية , تختار لهم ما يقرأون وما لا يقرأون , والذين يراهم بلا أخلاق , ليأتي جاهل غر _هذا كبره _ ليعلمهم ماذا يلبسون ,ومن يكلمون ..ولكنه لم يتوقع أن ينقلبوا عليه , وتمرمط كرامة وزارة الأعلام من وزيرها حتى أصغر مراسل , لتتجلى ( الساعة المباركة ) بأبها حللها , وليدرك أن كل من يستخدم هؤلاء لضرب الشعب , وإهانتهم , لابد أن ينقلبوا عليه , لانه بكل بساطة جبان , ولا يمتلك أي كرامة , وإلا لو كانت لدية كرامة , لما سمح مطلقا أن تهان كرامة فرد من أفراد بلده , تحت أي شعار , محترما عقول الناس , وحريتهم , التي لا يعتدون بها على أحد , كما يفعل هؤلاء المرتزقة .. فالذين في المعرض هم من أهل الكتاب , والفكر , وليسوا ممن يرقصون على السيارات في التحلية , أو ممن يجيزون رضاع الكبير .!فالوصاية ليست عليهم , وليس مثلهم من يتطاول عليه مثل هؤلاء الحمقى , تحت شعار الأحتساب , والفسح المبارك من أبو ( ساعة مباركة )

ويسرني عطفا على هذه المنحة , وهذا الأنقلاب على صاحب ( الساعة المباركة ) , والذي يشبه حاله حال صاحب طير بن برمان , الذي أطلقه على أرنب , فلتقط الطير ثعبان , ورماه على صاحبه فقتله ..فقال الشاعر :

يا طير أبن برمان جبناك حنا , يناقل الحية على رأس راعيك ..!

أقول يسرني أن أهديه هو ووزيره الأديب , الذي شاركه ( الساعة المباركة ) هذه الأبيات الجميلة لمصطفى جمال الدين :

أضحى التنائي بديلا من تدانينا , وصار من كان حامينا حرامينا !

خنتم , وبنا فما أهتزت جوانحنا , حزنا عليكم , ولا جفت مآقينا ..!

هذي الكؤوس شربنها معتقة , فجروبها وذوقوها فناجينا ..!

ما بالكم إذ سكرتم من ثمالتها , ملئتموا سكك الدنيا مجانينا ..!

أنتم زرعتم نيوب الوحش , فرتقبوا , أن تحصدوها وقد جاءت سكاكينا ..!

بين ( أبن القيم ) و ( تركي الحمد) في معرض الكتاب

الحجج التي ينطلق منها أصحاب (البلطجة الأحتسابية ) في معاركهم في معرض الكتاب , هي أن المعرض يسمح بالكتب الألحادية , والروايات الماجنة , والمنهج التغريبي ! ॥وفي مقطع اليوتيوب الذي أنتشر لهؤلاء , ينقلون مقولة شهيرة لأحد أبطال رواية تركي الحمد : ( الله والشيطان وجهان لعلمة واحدة ) , طبعا هنا يمارسون عملية "تدليس" كبيرة , كالعادة । في نسبتهم كلام الشخصية الروائية إلى الروائي ।وهذا يعني أن البطل لو قُتل في الرواية , فسيذهب هؤلاء المحتسبون لعزاء الروائي في وفاة نفسه , أما لو كانت الشخصية الروائية قاتلة , فهم سيذهبون للشخصية الروائية ويلقون القبض عليه لأنه قاتل , في نفس الوقت الذي سيعزونه بنفسه لأنه مقتول! ।لأن الشخصيتان القاتل والمقتول في العمل الروائي هما الكاتب نفسه , انطلاقا من قاعدة : ( أن ابطال الشخصية الروائية هم الروائي على الحقيقة ) طبعا هذا الكلام سخيف , ومجرد ذكره , يغني عن الرد عليه , كما كان يقول المعتزلي القاضي عبدالجبار حينما ينقل قولا متهافتاً : هذا قول أبلع رد عليه هو نقله كما هو..وهذا ليس بغريب عليهم ..وهنا في هذه المقالة سنثبت أن ابن القيم , يصف الله بما هو أسوأ هذا من الناحية الدينية , كما أنه يذكر ويشرح الوضعيات (الجنسية) وهذا لا يختلف عن الروايات التي يصفونها بالماجنة ..!

أولاً : هناك إشكال كبير في قراءة هؤلاء المحتسبين للنص الروائي , أو لمعنى أن ناقل الكفر ليس بكافر , فهم يأتون بجملة , تم اقتطاعها من سياقها , ثم يقومون ببناء الحكم عليها , تباعاً لحكم وتصور مسبق ..طبعا , يلزمهم حتى يكون موقفهم المعرفي والمنهجي صحيح , أن يصفوا القرآن الكريم بأنه يدعوا إلى الكفر , ففي القرآن نقل الله قول فرعون : ( أنا ربكم الأعلى ) ( ما علمت لكم من إله غيري ) , فإذا كان ماهو مقول ينسب للناقل لا للقائل , فيلزمهم حينها الحكم بتعارض النص القرآني مع بعضه , فهو يدعوا حينا للتوحيد , وحين آخر للكفر , لأن ما قاله فرعون , وما قاله الشيطان , وما قاله الكفار في كل عصر , هو لا ينسب لهم على الحقيقة , وإنما ينسب لله نفسه ! , تعالى الله عن هذا الكلام ..

ثانياً : الواجب الشرعي أمام كل شبهة الحادية , أن يقوم المسلم بالرد عليها , ويلزمه حين يرد عليها أن يذكرها . فهو يقول : قال الملحد كيت وكيت . ثم يرد عليه . وهذا يعني أن كل كتاب في الرد على الملاحدة , لا بد أن يتضمن مقولاتهم وحججهم , والحجة أن هذا مقبول لأن صاحب الرد فند هذه المقولات , كلام فيه نظر . لأنه قد تكون حجة الملحد أقوى من الرد الذي قدمه صاحب الكتاب , فهنا تبقى شبهة وجود النص الألحادي قائمة , وحينها يلزمهم تبعا لذلك منع حتى كل الكتب التي تنقل وتعرض مقولات المذاهب الأخرى , لأن الرد ليس بالضرورة أن يكون مقنعا , ولربما بقيت الشبهة ..وكان هذا النقد وجه قديما للفخر الرازي في تفسيره ( مفاتيح الغيب ) أنه يورد حجج الملاحدة , ويرد عليها بصورة ضعيفة ! ..طبعا تبني هذا الموقف , ورفض ذكر الحجة الألحادية والرد عليها , هو رفض لمنهج القرآن , والذي ذكر كل المقولات المضادة التي كانت سائدة , وقام بالرد عليها , إلا إذا التزموا بالنقطة الأولى وأن تلك المقولات التي ذكرها القرآن ليست لهؤلاء الملاحدة وإنما هي مقولات تنسب لله نفسه _ تعالى الله _ ..


ثالثاً : تركي الحمد , ذكر سؤالا قد يكون استنكارياً على لسان أحد أبطال الرواية , ولكن ماذا عن من يعتقد أن الله في آخر الزمن ينزل إلى الأرض , ويتجول فيها , ويشعر (بالوحشة ) لانها خلت من الناس ! ..بل يعتبر أن هذا التصور وهذا الأعتقاد اعتقاد ديني لازم وثابت , ومن لا يقبله فهو ضال معاند مخالف للكتاب والسنة ! ..وهذا ما قاله ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" أثناء كلامه عن وفد بني المنتفِق (3\674 ت الأرنؤوط)، ففبعدما ذكر الحديث الطويل وفيه : ( ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تُبعَث الصائحة. فلعَمْرُ إلهك ما تدَعُ على ظهرها شيئاً إلا مات، والملائكةُ الذين مع ربّك. فأصبح ربُّك عزَّ وجلَّ يطوفُ في الأرض! وخلَتْ عليه البلاد).

فالله يتمشى في الارض , وقد خلت عليه البلاد !!! ..

رابعاً : فيما يتعلق بالروايات التي توصف بأنها جنسية .نذكر في القرآن مشهد يوسف مع امرأة العزيز ,كيف يصفون هذا المشهد ؟! وهل يمكن لأي قناة أن تعرض مشهد بهكذا أحداث ؟! حسنا , ماهو موقف أبن القيم من الجنس ؟! نذهب بجولة معه في كتابه : ( زاد المعاد ) وشرحه عن النافع والضار من الجماع حيث يقول : (
وأنفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن في حرة وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه وضرره ثم امتلاء البدن أسهل وأقل من ضرره ثم كثرة الرطوبة أقل منه ثم اليبوسة وعند حرارته أقل منه برودته ، وإنما ينبغي أن يجامع إذا اشتدت الشهوة وحصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا ونظر متتابع ، ولا ينبغي أن يستدعي شهوة الجماع ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر إليه إذا هاجت به كثرة المني واشتد شبقه ، وليحذر جماع العجوز والصغيرة التي لا يوطأ مثلها ملكا لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع بالخاصية ، وغلط من قال من الأطباء إن جماع الثيب أنفع من جماع البكر وأحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة ..
* وفي جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر ( هلا تزوجت بكرا ) وقد جعل الله سبحانه من كمال نساء أهل الجنة من الحور العين أنهن لم يطمثهن أحد قبل من جعلن له من أهل الجنة وقالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت لو مررت بشجرة قد ارتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففي أيهما كنت ترتع بعيرك قال ( في التي لم يرتع فيها ) تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها .
* وجماع المرأة المحبوبة في النفس يقل إضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمني وجماع البغيضة يحل البدن ويوهن القوى مع قلة استفراغه وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا فإنه مضر جدا والأطباء قاطبة تحذر منه .
* وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة مفنرشاً لها بعد الملاعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة فراشا كما قال صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ) وهذا من تمام قَوَّامية الرجل على المرأة . كما قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء) وكما قيل :
إذا رمتها كانت فراشا يقلني وعند فراغي خادم يتملق ..! )

ثم في كتاب الطب النبوي يتحدث أبن القيم عن ( وضعية الفارسة ) كأسوأ طريقة للجماع ! فيقول : (
و ان تعلو المرأة الرجل ويجامعها على ظهره (اي تطلع المراة فوق الرجل وهو مستلقي على ظهره)
وهو خلاف الشكل الطبيعي الذي طبع الله عليه الرجل والمرأة بل نوع الذكر والانثى وفيه من المفاسد ان المني يتعسر خروجه كله فربما بقى في العضو الذكري منه فيتعفن ويفسد فيضر بالرجل وايضا ربما سال الى الذكر رطوبات من الفرج وايضا فأن الرحم لا يتمكن من الاشتمال على الماء (اي استيعاب المني الخارج من الذكر) واجتماعه فيه وانضمامه عليه ليتخلق الولد ) ..!!
حسناً , هذا ابن القيم , يصف الله بأنه يتجول في الأرض آخر الزمان , ويشعر بالوحشة لأنها خلت عليه الأرض , كما انه يشرح الوضعيات الجنسية , ولا أعلم كيف لمحتسب , يطالب النساء بتغطية العيون والوجه , يقبل ان تأتيه أبنته التي تتلمذ على كتب أبن القيم لتسأله : ماذا يعني أبن القيم بأسوأ وضعية ؟! وماذا يعني بيتعسر المني ؟! وماذا يعني بأفتراش المرأة ؟! وماهي اليبوسة والرطوبة ؟! ..أنا على ثقة أنه لا يوجد عمل روائي سعودي يمكن ان يكون بهذا الشكل , وبهذه الصور المجردة من كل حس ذوقي في التعاطي حتى مع الأدب الجنسي نفسه ..!

خامساً : ماهو موقف ابن القيم من الأستغلال والتحرش الجنسي بالأطفال ؟! في كتابه بدائع الفوائد طبعة در الكتاب العربي ص 603 يقول : ( روي عن أحمد في رجل خاف أن تنشق مثانته من الشبق ! أو تنشق أنثياه لحبس الماء في زمن رمضان يستخرج الماء ولم يذكر بأي شيء يستخرجه , قال : وعندي أنه يستخرجه بما لا يفسد صوم غيره كاستمنائه بيده أو ببدن زوجته أو أمته غير الصائمة , فإن كان له أمة طفلة أو صغيرة استمنى بيدها ) ..الله الله ! ..

والسؤال : أين الاحتساب على الكتب التي تصف الوضعيات الجنسية كما تقدم ؟! وأين الأحتساب على الكتب التي تدعوا إلى الأستغلال الجنسي للأطفال ؟! وأين الأحتساب على من يعتبرون الله محمول من قبله مخلوقاته , وأن الأرض وهي من مخلوقات الله تحتويه ! , وهو يتجول فيها , وقد خلت عليه البلاد , وهذا الكلام ليس كلام على لسان شخصية وهمية في عمل روائي , وإنما كلام من يعتقده , ويضلل من لا ير هذا الأعتقاد , وأين الاحتساب على الكتب التي ترد على الملاحدة ونقلها للشبهات الألحادية ؟! ..

الجمعة، 25 فبراير 2011

حب حتى (الثمالة) يا وطن ..!

كتب أحد الزملاء في الفيسبوك , عن ماساة مواطن سعودي ظل لسنوات عديدة يبحث عن منزل , يحتويه هو وأبناءه , وعن آخر راتبه 2000 ريال منذ سنوات , ولديه أطفال , وأن هذه من ضمن النماذج الكثيرة , التي كانت تنتظر من عودة المليك المفدى , معالجة لاوضاعهم المأساوية ..
ولعلمي بخطورة مثل هذا الكلام , وكونه بطر , وعدم رضى بالنصيب , والقضاء والقدر , وقد جاء في الحديث الصحيح : ( من أصبح منكم آمن في سربه , معاف في جسده , عنده قوت يومه , فكانما حيزت له الدنيا ) ,,كان لا بد من تقديم هذه النصيحة , لعل الله أن ينفع بها ..


أولاً : ألا يكفي أن الدولة تحتوي هذا الأب ؟! فلماذا يأتي بالأبناء ؟! ثم اليس الله تكفل برزق من يتزوج ويأتي بأبناء ؟! لماذا تريدون من الدولة أن تتدخل بين العبد وبين ربه ؟! من قال له أن يأتي بهم للدنيا ؟! إن كان لم يؤمن دخلا لهم , ولم يؤمن برب لهم ؟! أن الدولة من واجباتها حفظ التوحيد , والحفاظ على العلاقة بين العبد وبين ربه , وتحطيم كل طاغوت يحول بينهما أو يتوسط بينهما , فكيف تريدون من الدولة أن تتنكر لواجبها , وتتدخل بينهما , لمعالجة شؤونه المالية , وقد تكفل بها ربه ؟! ..


ثانياً : ألم يكن الصحابة يعيشون في فقر , وفي بيوت مهترئة ..فهل هو خير منهم ؟! إن قال : نعم ..فهذا بلاء يستحقه , وربما يفصل من عمله بتهمة الرفض أو التطاول على الصحابة كما حدث مع حسن فرحان المالكي ..أو يقول : لا .الصحابة خير مني , فحينها عليه أن يتأسى بهم , ويربط على بطنه حجرا من الجوع ..الدولة ليست مسؤولة عن الجائعين , ولا عن العاطلين ..يا أخي هل تريد الدولة أن تطعمك ؟! هل تريد أن تقلب الدولة بكل جلالها , وبهاءها , ونقاءها , وفخامتها ,وشياكتها , إلى مطعم ! .الدولة أكبر من أن تطعمك , أكبر من أن توفر لك فرص عمل , الدولة أكبر من أن تعطيك أي شيء ..الدولة تصور خطير , وكبير , وحالم , وما ورائي . تحبها لا لشيء وإنما فقط لأنه يجب أن تحبها ..أليس الحب من طرف واحد أجمل أشكال الحب ؟! حب لا ينتظر الجزاء , لا ينتظر الثواب , لا ينتظر المجازاه , لا ينتظر شيء ,,حب من أجل الحب ..كذلك الذي لديه اطفال وراتبه ألفان , ماذا يريد أكثر ؟! هل يريد مال يطغيه ويفسده ؟! المال فتنة , قال تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) , هل تريد أن تكون الدولة سبب في دخوله النار ؟! هل هذا جزاء المحب الذي تقدمه الدولة لمن يحبها ؟!..أنظروا كيف تحمي الدولة دنيانا من الشرك بالله , وتحمي آخرتنا من الكفر به , بسبب طغيان المال وفتنته ..


ثالثاً: ما هذا الكلام الذي يقوله البعض من قبيل : أن الغلابة في هذا البلد , أول من يخذلهم هم الغلابة الأخرون , والصحفيون الذين لا يعرفون معنى الجوع , أو ماهي رائحة الرغيف في بيوت أذن الفاسدون بأن تغرق , أنهم لا يعرفون ماذا يعني أن تذبل شمعة شباب الشباب والصبايا وهم يبحثون عن عمل ,و يبحثون عن قيمة , وعن دور في مجتمعهم ..أنهم لا يعرفون معنى أن تحمل طفلك المريض , وتركض في متاهات الوطن لتجد له سرير في أي مستشفى , أنهم مشغولون بالغزل , بالحب , بالتقبيل , والسلام ..أن الأنسان هو في آخر قائمتهم , لأنه لم يعد هناك شيء يهم , أمام هذا العصف المادي , و الشرهات , والنفاق الطاغي.يا لبجاحة هؤلاء الناس , أليس من القبيح وقلة الذوق أن تتحدثوا عن الجوع , والفقر ..يا قوم نحن في أفراح لماذا تعكرون مزاجنا ؟! لماذا تربكون فرحتنا ؟! ألسنا جميعا نصوم ونجوع ؟! ما الجديد ؟! ألسنا جميعنا نمرض ونتعافى , ما المشكلة ؟! لماذا أنتم تبالغون , دعونا نغني , فالغناء سر الوجود ..وإذا كنتم عاطلون عن العمل , فالدولة تفتح كثيرا من ابواب الأمل , فلا تكون كذلك عاطلين عن الأمل , إذ كما قال المثل البدوي الشهير : ( لولا الأمل مات الفقير ) , أليس من فضل الدولة عليكم أنها جعلت لكم فضاءات كبيرة من الأمل , تفوق أي فضاء من فضاءات العمل ؟! يا لجشعكم أيها البائسون الغلابا ..!

الأربعاء، 2 فبراير 2011

هل يحق للطبيب الحديث في الدين ؟!

من أبرز الاحتجاجات التي يواجهها من يتصدى لنقد الخطاب الديني , هو الاتهام بعدم ( التخصص ) . ومحاولة فرض ما أسميه : ( استبداد المتخصص ) .. بحيث أن المتخصص فقط , لأنه متخصص هو حجة . بغض النظر عن الاتساق المنطقي والعلمي لكلامه , وإنما على الشخص أن يكون بين يدي المختص , كالميت بين يدي مغسله ! .. وهذا كلام في غاية التهافت , فليس (كل) ما يقوله المتخصص صحيح , وليس (كل) ما يقوله غير المتخصص خطأ , وإنما المعيار في قبول كلام المتخصص وغيره , هو في مدى منطقية وواقعية ما يقول , فلو أن طبيباً متفذلكاً قال لمريض مصاب بالسكر , عليك الإكثار من السكر , من باب : ( وداواني بما كانت هي الداء ) , فمن الحماقة أن يأخذ المريض هذا الكلام , فقط لأنه من مختص ! ,وقضية المختص تذكرني بقضية ( الخطط المدروسة ) للمدرب ناصر الجوهر ,! ..فكل عاقل لديه حس نقدي , ومقدمات بسيطة , يستطيع من خلالها محاكمة ما يقال له , بغض النظر عن قيمة القائل وتخصصه . طبعاً مسألة "التخصص" لا تثار إلا إذا كان الشخص ناقداً , أما إذا كان متبعاً للنسق الديني السائد فلا تثار قضية التخصص , ولهذا نجد أطباء يوصفون بالمشايخ , فقط لأنهم يوافقون الاتجاه الديني العام . ولا تثار مسألة التخصص , خالد الجبير نموذجاً وهذا ما يسمى في المنطق ( مغالطة قطف الكرز Cherry- picking fallacy ) .. هذه الحجة هي في غاية الضعف , ولا يمكن أن تثبت أمام النقد ..ولعلنا نبدأ في نقد السؤال المحوري والذي قيل لي مراراً وتكراراً : أنت كطبيب هل ترضى أن يأتي رجل دين ويتكلم في الطب ؟! أذن كيف تتكلم في الدين ؟!

الجواب : مع علمي أن رجال الدين يتحدثون في الطب وغيره , وفي كل شيء , بارك الله بعلمهم , إلا أن الجواب : نعم ..ما الذي يمنع ؟! لو كان هناك رجل دين مهتم بمرض معين أو بدواء كــ"البنادول/البراسيتامول" وقرأ النشرة المرفقة معه , وقام بحفظها , ثم بحث في مصادر كثيرة , وقرأ عن "البنادول" ألن يكون أعلم من الطبيب وحتى الصيدلي في البنادول ؟! فالطبيب سيعرف أهم المضاعفات , والجرعات , ولمن توصف .. لكن لن يعرف كل شيء يختص بهذا الدواء , كحال هذا الرجل , الذي بذل الكثير من الجهد في معرفة هذا العلاج .. وبالتالي سيكون معيارنا في الحكم على صحة معلومات هذا الرجل , لا على تخصصه , وإنما على صحة هذه المعلومات التي قام بحفظها كاملة من النشرة المرفقة ... ومن القفز على الحقائق , وصفه بأنه جاهل في هذا الدواء , وهو يعرف كل شيء عنه .

من ناحية أخرى , لا يجب على الفقيه أن يعرف في الطب , بينما يجب على الطبيب أن يعرف أمر دينه , لا سيما أن لديه من الوعي ومن الفهم , ومن القدرة البحثية والنقدية , ما يؤهله لذلك ..

النقطة الثانية : جاء في الحديث الصحيح : ( بلغوا عني ولو آية ) , والآية من الدين , إذ الدين هو مجموع آياته ,ومن تكلم في آية فقد تكلم في الدين , و عليه , من يرى الاحتجاج بالتخصص , عليه أن يرد على الرسول قائلا : لا يا رسول الله لا يحق لغير المتخصص في الفقه أن يتحدث في الدين وآياته , ولا حتى بآية واحدة , لأنها بغض النظر عن كونها آية أو أكثر , إلا أنها من الدين , والدين لا يتحدث عنه إلا متخصص ..! هذا مع أن هنا مصادرة على المطلوب , لأني لا اعتبر من لا يعرف المنطق فقيه بحال , ولكن هذا من باب التسليم بدعوى التخصص .

النقطة الثالثة : جاء في الحديث الصحيح : ( رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه , ورب حامل فقه و هو غير فقيه ) , وهذا الحديث الصحيح _ بل عده البعض متواتراً _ يسقط نظرية التخصص , وعلى المعارض أن يقول للنبي : كلامك غير صحيح , فلا يحمل الفقه إلا متخصص فقيه , ولا يحمل الفقه ألا متخصص , ولا يمكن أن يحمله من ليس بفقيه إلى من هو فقيه ..!

النقطة الرابعة : قصة الهدهد مع النبي سليمان , إذ قال : ( أحطت بما لم تحط به ) , فهذا الهدهد يعلم ما لم يعلمه سليمان النبي الذي حشرت له جنود الأنس والجن , ولم يرد سليمان كلامه وإنما طالبه بالدليل , وبالتالي المتخصص هو من يملك الدليل , ومن لا يملك الدليل لا قيمة لتخصصه حينها ..!

النقطة الخامسة : ماذا تقصد بالتخصص ؟! هل تقصد معرفة أصول الفقه ؟! ..و أصول الفقه قام بتأصيلها الشافعي , وهنا يبرز سؤال مهم : الشافعي قبل أن يكتب أصول الفقه , هل كان فقيها ؟! إذا كان الجواب : نعم ..كيف وعلم الفقه لم يتشكل بعد ؟! فإن قيل : لا , لم يكن فقهيا , فكيف استطاع أن يؤسس ويؤصل لأصول الفقه ؟! ..أم أن الحكم على فقهه كان لاحقا أما قبل ذلك , فلم يكن يعتد بكلامه لأنه ليس بفقيه .!!

سادساً : من سيرة الرسول نجد أن هناك اعتراضات منطقية من بعض الصحابة سواء في الحرب أو الشأن السياسي وقضايا أخرى, وهذه الاعتراضات ليست نتاج تخصص , وإنما نتاج تفكير سليم وناضج . ولهذا في الحديث الصحيح لما سأل علي هل خُص الصحابة بعلم ؟! قال أنما هو فهم يؤتيه الله من يشاء , لا سيما أن الفقه هو الفهم , أما كونه علم الحلال والحرام فهذا اصطلاح حادث ..

ملحوظة : قد يرد اعتراض على النقطة الأخيرة أن اعتراضات الصحابة في شؤون الحياة وليس في شؤون الدين , وهنا يدخل المعترض في إشكال علماني عويص , وفصل كل مظاهر الحياة , التي تحاكم إلى العقل و تحليله المنطقي , عن قضايا الدين ..!

النقطة السادسة : هي مفارقة منطقية لطيفة فعلتها مع أحد الأصدقاء.قال لي : لا يجوز الحديث في الدين ألا لأهل العلم .قلت له : ماهو دليلك؟! قال : ( فسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون ) .قلت له : أنت الأن تتكلم في الدين وأنت غير مختص .قال لي : لأني أعرف الدليل , قلت أذن العبرة بالدليل لا بالتخصص , ابتسمنا وانتهى الحوار ..

من وجهة نظري أن هذه النقاط أسقطت فكرة أنه لا يحق لغير المتخصص الحديث بالدين , وأن التخصص هو الدليل , من ملك الدليل فهو المختص بمسألته ..

والسلام ..