الجمعة، 25 فبراير 2011

حب حتى (الثمالة) يا وطن ..!

كتب أحد الزملاء في الفيسبوك , عن ماساة مواطن سعودي ظل لسنوات عديدة يبحث عن منزل , يحتويه هو وأبناءه , وعن آخر راتبه 2000 ريال منذ سنوات , ولديه أطفال , وأن هذه من ضمن النماذج الكثيرة , التي كانت تنتظر من عودة المليك المفدى , معالجة لاوضاعهم المأساوية ..
ولعلمي بخطورة مثل هذا الكلام , وكونه بطر , وعدم رضى بالنصيب , والقضاء والقدر , وقد جاء في الحديث الصحيح : ( من أصبح منكم آمن في سربه , معاف في جسده , عنده قوت يومه , فكانما حيزت له الدنيا ) ,,كان لا بد من تقديم هذه النصيحة , لعل الله أن ينفع بها ..


أولاً : ألا يكفي أن الدولة تحتوي هذا الأب ؟! فلماذا يأتي بالأبناء ؟! ثم اليس الله تكفل برزق من يتزوج ويأتي بأبناء ؟! لماذا تريدون من الدولة أن تتدخل بين العبد وبين ربه ؟! من قال له أن يأتي بهم للدنيا ؟! إن كان لم يؤمن دخلا لهم , ولم يؤمن برب لهم ؟! أن الدولة من واجباتها حفظ التوحيد , والحفاظ على العلاقة بين العبد وبين ربه , وتحطيم كل طاغوت يحول بينهما أو يتوسط بينهما , فكيف تريدون من الدولة أن تتنكر لواجبها , وتتدخل بينهما , لمعالجة شؤونه المالية , وقد تكفل بها ربه ؟! ..


ثانياً : ألم يكن الصحابة يعيشون في فقر , وفي بيوت مهترئة ..فهل هو خير منهم ؟! إن قال : نعم ..فهذا بلاء يستحقه , وربما يفصل من عمله بتهمة الرفض أو التطاول على الصحابة كما حدث مع حسن فرحان المالكي ..أو يقول : لا .الصحابة خير مني , فحينها عليه أن يتأسى بهم , ويربط على بطنه حجرا من الجوع ..الدولة ليست مسؤولة عن الجائعين , ولا عن العاطلين ..يا أخي هل تريد الدولة أن تطعمك ؟! هل تريد أن تقلب الدولة بكل جلالها , وبهاءها , ونقاءها , وفخامتها ,وشياكتها , إلى مطعم ! .الدولة أكبر من أن تطعمك , أكبر من أن توفر لك فرص عمل , الدولة أكبر من أن تعطيك أي شيء ..الدولة تصور خطير , وكبير , وحالم , وما ورائي . تحبها لا لشيء وإنما فقط لأنه يجب أن تحبها ..أليس الحب من طرف واحد أجمل أشكال الحب ؟! حب لا ينتظر الجزاء , لا ينتظر الثواب , لا ينتظر المجازاه , لا ينتظر شيء ,,حب من أجل الحب ..كذلك الذي لديه اطفال وراتبه ألفان , ماذا يريد أكثر ؟! هل يريد مال يطغيه ويفسده ؟! المال فتنة , قال تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) , هل تريد أن تكون الدولة سبب في دخوله النار ؟! هل هذا جزاء المحب الذي تقدمه الدولة لمن يحبها ؟!..أنظروا كيف تحمي الدولة دنيانا من الشرك بالله , وتحمي آخرتنا من الكفر به , بسبب طغيان المال وفتنته ..


ثالثاً: ما هذا الكلام الذي يقوله البعض من قبيل : أن الغلابة في هذا البلد , أول من يخذلهم هم الغلابة الأخرون , والصحفيون الذين لا يعرفون معنى الجوع , أو ماهي رائحة الرغيف في بيوت أذن الفاسدون بأن تغرق , أنهم لا يعرفون ماذا يعني أن تذبل شمعة شباب الشباب والصبايا وهم يبحثون عن عمل ,و يبحثون عن قيمة , وعن دور في مجتمعهم ..أنهم لا يعرفون معنى أن تحمل طفلك المريض , وتركض في متاهات الوطن لتجد له سرير في أي مستشفى , أنهم مشغولون بالغزل , بالحب , بالتقبيل , والسلام ..أن الأنسان هو في آخر قائمتهم , لأنه لم يعد هناك شيء يهم , أمام هذا العصف المادي , و الشرهات , والنفاق الطاغي.يا لبجاحة هؤلاء الناس , أليس من القبيح وقلة الذوق أن تتحدثوا عن الجوع , والفقر ..يا قوم نحن في أفراح لماذا تعكرون مزاجنا ؟! لماذا تربكون فرحتنا ؟! ألسنا جميعا نصوم ونجوع ؟! ما الجديد ؟! ألسنا جميعنا نمرض ونتعافى , ما المشكلة ؟! لماذا أنتم تبالغون , دعونا نغني , فالغناء سر الوجود ..وإذا كنتم عاطلون عن العمل , فالدولة تفتح كثيرا من ابواب الأمل , فلا تكون كذلك عاطلين عن الأمل , إذ كما قال المثل البدوي الشهير : ( لولا الأمل مات الفقير ) , أليس من فضل الدولة عليكم أنها جعلت لكم فضاءات كبيرة من الأمل , تفوق أي فضاء من فضاءات العمل ؟! يا لجشعكم أيها البائسون الغلابا ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق