الأحد، 6 مارس 2011

بين ( أبن القيم ) و ( تركي الحمد) في معرض الكتاب

الحجج التي ينطلق منها أصحاب (البلطجة الأحتسابية ) في معاركهم في معرض الكتاب , هي أن المعرض يسمح بالكتب الألحادية , والروايات الماجنة , والمنهج التغريبي ! ॥وفي مقطع اليوتيوب الذي أنتشر لهؤلاء , ينقلون مقولة شهيرة لأحد أبطال رواية تركي الحمد : ( الله والشيطان وجهان لعلمة واحدة ) , طبعا هنا يمارسون عملية "تدليس" كبيرة , كالعادة । في نسبتهم كلام الشخصية الروائية إلى الروائي ।وهذا يعني أن البطل لو قُتل في الرواية , فسيذهب هؤلاء المحتسبون لعزاء الروائي في وفاة نفسه , أما لو كانت الشخصية الروائية قاتلة , فهم سيذهبون للشخصية الروائية ويلقون القبض عليه لأنه قاتل , في نفس الوقت الذي سيعزونه بنفسه لأنه مقتول! ।لأن الشخصيتان القاتل والمقتول في العمل الروائي هما الكاتب نفسه , انطلاقا من قاعدة : ( أن ابطال الشخصية الروائية هم الروائي على الحقيقة ) طبعا هذا الكلام سخيف , ومجرد ذكره , يغني عن الرد عليه , كما كان يقول المعتزلي القاضي عبدالجبار حينما ينقل قولا متهافتاً : هذا قول أبلع رد عليه هو نقله كما هو..وهذا ليس بغريب عليهم ..وهنا في هذه المقالة سنثبت أن ابن القيم , يصف الله بما هو أسوأ هذا من الناحية الدينية , كما أنه يذكر ويشرح الوضعيات (الجنسية) وهذا لا يختلف عن الروايات التي يصفونها بالماجنة ..!

أولاً : هناك إشكال كبير في قراءة هؤلاء المحتسبين للنص الروائي , أو لمعنى أن ناقل الكفر ليس بكافر , فهم يأتون بجملة , تم اقتطاعها من سياقها , ثم يقومون ببناء الحكم عليها , تباعاً لحكم وتصور مسبق ..طبعا , يلزمهم حتى يكون موقفهم المعرفي والمنهجي صحيح , أن يصفوا القرآن الكريم بأنه يدعوا إلى الكفر , ففي القرآن نقل الله قول فرعون : ( أنا ربكم الأعلى ) ( ما علمت لكم من إله غيري ) , فإذا كان ماهو مقول ينسب للناقل لا للقائل , فيلزمهم حينها الحكم بتعارض النص القرآني مع بعضه , فهو يدعوا حينا للتوحيد , وحين آخر للكفر , لأن ما قاله فرعون , وما قاله الشيطان , وما قاله الكفار في كل عصر , هو لا ينسب لهم على الحقيقة , وإنما ينسب لله نفسه ! , تعالى الله عن هذا الكلام ..

ثانياً : الواجب الشرعي أمام كل شبهة الحادية , أن يقوم المسلم بالرد عليها , ويلزمه حين يرد عليها أن يذكرها . فهو يقول : قال الملحد كيت وكيت . ثم يرد عليه . وهذا يعني أن كل كتاب في الرد على الملاحدة , لا بد أن يتضمن مقولاتهم وحججهم , والحجة أن هذا مقبول لأن صاحب الرد فند هذه المقولات , كلام فيه نظر . لأنه قد تكون حجة الملحد أقوى من الرد الذي قدمه صاحب الكتاب , فهنا تبقى شبهة وجود النص الألحادي قائمة , وحينها يلزمهم تبعا لذلك منع حتى كل الكتب التي تنقل وتعرض مقولات المذاهب الأخرى , لأن الرد ليس بالضرورة أن يكون مقنعا , ولربما بقيت الشبهة ..وكان هذا النقد وجه قديما للفخر الرازي في تفسيره ( مفاتيح الغيب ) أنه يورد حجج الملاحدة , ويرد عليها بصورة ضعيفة ! ..طبعا تبني هذا الموقف , ورفض ذكر الحجة الألحادية والرد عليها , هو رفض لمنهج القرآن , والذي ذكر كل المقولات المضادة التي كانت سائدة , وقام بالرد عليها , إلا إذا التزموا بالنقطة الأولى وأن تلك المقولات التي ذكرها القرآن ليست لهؤلاء الملاحدة وإنما هي مقولات تنسب لله نفسه _ تعالى الله _ ..


ثالثاً : تركي الحمد , ذكر سؤالا قد يكون استنكارياً على لسان أحد أبطال الرواية , ولكن ماذا عن من يعتقد أن الله في آخر الزمن ينزل إلى الأرض , ويتجول فيها , ويشعر (بالوحشة ) لانها خلت من الناس ! ..بل يعتبر أن هذا التصور وهذا الأعتقاد اعتقاد ديني لازم وثابت , ومن لا يقبله فهو ضال معاند مخالف للكتاب والسنة ! ..وهذا ما قاله ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" أثناء كلامه عن وفد بني المنتفِق (3\674 ت الأرنؤوط)، ففبعدما ذكر الحديث الطويل وفيه : ( ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تُبعَث الصائحة. فلعَمْرُ إلهك ما تدَعُ على ظهرها شيئاً إلا مات، والملائكةُ الذين مع ربّك. فأصبح ربُّك عزَّ وجلَّ يطوفُ في الأرض! وخلَتْ عليه البلاد).

فالله يتمشى في الارض , وقد خلت عليه البلاد !!! ..

رابعاً : فيما يتعلق بالروايات التي توصف بأنها جنسية .نذكر في القرآن مشهد يوسف مع امرأة العزيز ,كيف يصفون هذا المشهد ؟! وهل يمكن لأي قناة أن تعرض مشهد بهكذا أحداث ؟! حسنا , ماهو موقف أبن القيم من الجنس ؟! نذهب بجولة معه في كتابه : ( زاد المعاد ) وشرحه عن النافع والضار من الجماع حيث يقول : (
وأنفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن في حرة وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه وضرره ثم امتلاء البدن أسهل وأقل من ضرره ثم كثرة الرطوبة أقل منه ثم اليبوسة وعند حرارته أقل منه برودته ، وإنما ينبغي أن يجامع إذا اشتدت الشهوة وحصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا ونظر متتابع ، ولا ينبغي أن يستدعي شهوة الجماع ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر إليه إذا هاجت به كثرة المني واشتد شبقه ، وليحذر جماع العجوز والصغيرة التي لا يوطأ مثلها ملكا لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع بالخاصية ، وغلط من قال من الأطباء إن جماع الثيب أنفع من جماع البكر وأحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة ..
* وفي جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر ( هلا تزوجت بكرا ) وقد جعل الله سبحانه من كمال نساء أهل الجنة من الحور العين أنهن لم يطمثهن أحد قبل من جعلن له من أهل الجنة وقالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت لو مررت بشجرة قد ارتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففي أيهما كنت ترتع بعيرك قال ( في التي لم يرتع فيها ) تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها .
* وجماع المرأة المحبوبة في النفس يقل إضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمني وجماع البغيضة يحل البدن ويوهن القوى مع قلة استفراغه وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا فإنه مضر جدا والأطباء قاطبة تحذر منه .
* وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة مفنرشاً لها بعد الملاعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة فراشا كما قال صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ) وهذا من تمام قَوَّامية الرجل على المرأة . كما قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء) وكما قيل :
إذا رمتها كانت فراشا يقلني وعند فراغي خادم يتملق ..! )

ثم في كتاب الطب النبوي يتحدث أبن القيم عن ( وضعية الفارسة ) كأسوأ طريقة للجماع ! فيقول : (
و ان تعلو المرأة الرجل ويجامعها على ظهره (اي تطلع المراة فوق الرجل وهو مستلقي على ظهره)
وهو خلاف الشكل الطبيعي الذي طبع الله عليه الرجل والمرأة بل نوع الذكر والانثى وفيه من المفاسد ان المني يتعسر خروجه كله فربما بقى في العضو الذكري منه فيتعفن ويفسد فيضر بالرجل وايضا ربما سال الى الذكر رطوبات من الفرج وايضا فأن الرحم لا يتمكن من الاشتمال على الماء (اي استيعاب المني الخارج من الذكر) واجتماعه فيه وانضمامه عليه ليتخلق الولد ) ..!!
حسناً , هذا ابن القيم , يصف الله بأنه يتجول في الأرض آخر الزمان , ويشعر بالوحشة لأنها خلت عليه الأرض , كما انه يشرح الوضعيات الجنسية , ولا أعلم كيف لمحتسب , يطالب النساء بتغطية العيون والوجه , يقبل ان تأتيه أبنته التي تتلمذ على كتب أبن القيم لتسأله : ماذا يعني أبن القيم بأسوأ وضعية ؟! وماذا يعني بيتعسر المني ؟! وماذا يعني بأفتراش المرأة ؟! وماهي اليبوسة والرطوبة ؟! ..أنا على ثقة أنه لا يوجد عمل روائي سعودي يمكن ان يكون بهذا الشكل , وبهذه الصور المجردة من كل حس ذوقي في التعاطي حتى مع الأدب الجنسي نفسه ..!

خامساً : ماهو موقف ابن القيم من الأستغلال والتحرش الجنسي بالأطفال ؟! في كتابه بدائع الفوائد طبعة در الكتاب العربي ص 603 يقول : ( روي عن أحمد في رجل خاف أن تنشق مثانته من الشبق ! أو تنشق أنثياه لحبس الماء في زمن رمضان يستخرج الماء ولم يذكر بأي شيء يستخرجه , قال : وعندي أنه يستخرجه بما لا يفسد صوم غيره كاستمنائه بيده أو ببدن زوجته أو أمته غير الصائمة , فإن كان له أمة طفلة أو صغيرة استمنى بيدها ) ..الله الله ! ..

والسؤال : أين الاحتساب على الكتب التي تصف الوضعيات الجنسية كما تقدم ؟! وأين الأحتساب على الكتب التي تدعوا إلى الأستغلال الجنسي للأطفال ؟! وأين الأحتساب على من يعتبرون الله محمول من قبله مخلوقاته , وأن الأرض وهي من مخلوقات الله تحتويه ! , وهو يتجول فيها , وقد خلت عليه البلاد , وهذا الكلام ليس كلام على لسان شخصية وهمية في عمل روائي , وإنما كلام من يعتقده , ويضلل من لا ير هذا الأعتقاد , وأين الاحتساب على الكتب التي ترد على الملاحدة ونقلها للشبهات الألحادية ؟! ..

هناك تعليق واحد:

  1. مشكور مأجور على هذا الموضوع ان شاء الله
    رؤية منطقية موضوعية عقلانية جدا

    ردحذف