الاثنين، 23 مايو 2011

الإمبريالية الإسلامية والمسيحية ..

كان المجتمع الجاهلي_مع التحفظ على هذا الوصف_ مجتمعاً مثقفاً وتعددياً ..وكان في الكعبة أكثر من 300 مائة صنم , تمثل إتجاهات دينية عديدة , وكل صاحب دين يأتي ليمارس طقوسه العبادية الخاصة , دون اعتراض . وحينما ظهر محمد "ص" لم تكن ثمة مشكلة في ظهوره... , ولم يتعرض له أحد , إلا في بعض الروايات اللاحقة التي تحاول أن تضفي بعد ميلودرامي للدعوة المحمدية ..ولم يتعرض للتعذيب إلا العبيد ليس بحكم اسلامهم , وإنما خشية من كسر النظام الإقتصادي والإجتماعي السائد , وخشية من ثورة العبيد على اسيادهم ..وهو وضع _أي الرق_ لم يرفضه الإسلام وأبقى عليه ..أما ترتيب عقوبة "تحرير رقبة" في بعض العقوبات , فليس الهدف التحرير , وإنما لأنها عقوبة كبيرة وفيها خسارة مادية كبيرة , تردع مرتكب الذنب عن ارتكابه مرة أخرى , ولم يكن القصد منها , إلغاء نظام الرق ..هذه نقطة أولى ..النقطة الثانية : أن أي تجمع بشري في رقعة جغرافية معينة , يكون دخله محصور في طبيعة هذه الرقعة الجغرافية , وبطبيعة النمو والتكاثر لهذا المجتمع , تكون الموارد الموجودة غير كافية , ومن هنا تأتي فكرة الغزو على الآخر ..وإن كان يغلف بشعارات من قبيل الفتح الإسلامي , أو نشر الديمقراطية لاحقاً ..بينما الهدف منه هو اقتصادي و لتوفير مصادر دخل أكثر , وإن كان يمكن دخول شعارات من هذا القبيل إلا أنها ليست من جوهر مثل هذه الإمبرياليات ..فكرة أن الغزو الإسلامي كان من أجل أن يدخل الناس في الدين , هو تماما مثل تصور المسيحيين عن الحملات الصليبية ..كل شخص يتصور أن دينه الأفضل والذي يجب أن يبشر به , وهذا حق لكل شخص أن يدعي ما يشاء , ويبشر به .لكن فرضة بقوة السيف أو التوماهوك , هو ضد القيم وضد الأخلاق وضد طبيعة الدين نفسه , بحسابنه علاقة خاصة بين العبد وبين ربه تقوم على الإيمان لا على الإكراه ..وبالتالي حتى يكون الموقف الأخلاقي للشخص موقف متماسك عليه إما أن يرفض فكرة الغزو كائن ما كان الشعار المرفوع , أو يقبل كل حالات الغزو كائن ما كان شعارها . وأنه بغض النظر عن الإنتماءات الدينية إلا أن التعدي على أي شخص تحت أي شعار هو فعل لا أخلاقي ..ولان الشيء بالشيء يذكر فقد كانت فكرة النباتيين في رفضهم أكل الحيوانات , ليست هل هي تفكر أو لا , وهل هي تعقل أم لا ؟ وهل هي تتكلم أم لا ؟ وإنما السؤال المهم : هل هي تتألم أم لا ؟! وطالما هي تتألم فمن غير الأخلاقي إحداث فعل الألم بمن يشعر بالالم بحجة عدم قدرته على التعبير عن هذا الألم ..مثلا هل يصح لك تعذيب شخص أخرص ؟! او شخص مجنون ؟! لأن الأولى لا يستطيع أن يعبر عن الألم , والثاني غير عاقل ؟! أم لا يصح فعل ذلك في الحالتين لأنهما يحسان ؟! وهذا هو المحك "الإحساس"..والله المستعان ..!

هناك تعليقان (2):

  1. إن من الإنصاف أن تصف حال من خلال واقعها، وليس يكفي الظن أنك على علم بذلك الواقع، بل يجب أن تحاول للقطع سبيلا، وربما قطعت على جهل مركب، حينها القارئ يستطيع التفريق بين القاصد أو المقصر وبين المجتهد المخطئ. 
    هذا ما دار في نفسي حينما قرأت مقالة قصيرة للدكتور الحميدي العبيسان سماها الإمبريالية الإسلامية والمسيحية، العبيسان في مقالته يعرض ثلاث تصورات: للمجتمع الذي يتحفظ على تسميته جاهلي، ولأثر الدعوة المحمدية عليه، وعلى التشابه بين الفتوحات الصليبية والإسلامية. 
    إن صورة المجتمع الجاهلي التي قدمها الدكتور الحميدي العبيسان جميلة، لكنها في ذهنه فقط! فهو يتصور مجتمع فيه حرية وتعددية، بدليل أن حول الكعبة حوالي ٣٠٠ صنم، وكل صنم له قوم يعبدونه؛ الكاتب يريد أن يبرز سمة حضارية عند القرشيين قبل البعثة النبوية وهي الحرية و احترام الإختلاف. 
    إن من حقنا أن نتساءل: هل المحمود السمة بذاتها أم الدافع والبناء الفكري التي هي نتيجته؟ 
    إنه من المجحف أن نصف نظرة الدكتور بالسطحية من خلال قراءة مقال من أسطر معدودة، لكن نظن أنه ما كان ليصف هذا المجتمع بما وصف إلا بعد أن اختلط عليه أن تعدد الأصنام لا يعني تعدد الديانات، فالديانة واحدة هي الوثنية. 
      
    إن الفكر التعددي لا يكون عند الجامدين على ما وجدوا عليه الآباء، والمساواة ليست عند مجتمع يميز المرء بنسبه ولونه، ولا نميل إلى ما يميل إليه البعض من وصف ذالك المجتمع العربي الأصيل بكل مثلبة وهو بريء منها، لكن نريد أن ننظر بكل واقعية وبلا غرض غير الإنصاف والتدقيق في قراءتكم لتاريخ تلك الحقبة. 
     إني أتساءل كيف تجاهل الدكتور العبيسان أن أولئك المتسامحين مع الآخر هم أول من وقف ضد هذه الدعوة والديانة الجديدة التي أضافت "صنما" غائب بجانب ال ٣٠٠، وكيف يجوز أن يجعل المتأذين هم العبيد الذين سلموا لمحمد وهو جاء بدين يقر مجتمع الجاهلية على ماهو عليه من نظام الرق، مالذي تحملوا منشانه كل الألم الذي يؤلمنا نحن حين نقرأه بعد ١٤ قرن فكيف بهم؟ إن الدكتور لم يقرأ ما قرأناه، وكل ما قرأه أي مسلم لمعاناة محمد صاحب النسب الشريف عند قومه، ما رأى الذي ينهى عبداً إذا صلى .. فقط صلى! وإلا ما كان قال "ولم يتعرض للتعذيب إلا العبيد ليس بحكم اسلامهم , وإنما خشية من كسر النظام الإقتصادي والإجتماعي السائد" 
    ولنسلم أن ما دفع سادة قريش للتضييق ثم منع محمد من حرية الدعوة إلى ملته لم يكن استبداداً منهم، بل كان دفاعاً عن الإقتصاد الذي تعتبر الدعوة الإسلامية المحمدية خطر عليه، إن سلمنا فلا يجب أن نخطئ مثل الكاتب ونسلم أن الإسلام أقر الاسترقاق. إن التسليم بالأمرين معاً لا يدل إلا على تشوه الصورة عند المقر وبشكل فاحش.  

    (بإختصار)
    لقد تعاملت الشريعة الإسلامية مع الإسترقاق بواقعية بعيدة عن المثالية المفرطة وغير الواقعية عند بعض الناس، والشريعة الإسلامية صفتها الواقعية، فإنها قد راعت ردة الفعل عند السيد الذي يكسب سيادته بتملك العبيد، لذلك تجنبت الصدام كما في تحريم الخمر مثلاً - والمثال في الدافع وليس نفس الخطوات-  فأغلقت منابع الإسترقاق إلا منبع الأسر لحكمة وعلة، وعددت مصارفه، والذي يفعل ذلك ليس مقراً للاسترقاق قطعاً، لكن ربما يكون عدم إقراره بطريقة لا تنكشف الحكمة من ورائها، فتطلب، ومن الجحود  أن يكون الجهل بالحكمة دافع لتجاهل الحقيقة الظاهرة وترويج غيرها.  

    ردحذف
  2. وفي هذا المقال تطرق الحميدي العبيسان إلى الفتوحات الإسلامية، وقبل نقد صورة الفتوحات عنده يجب أن نؤكد أننا ندافع عنها نظرياً، أما كواقع  فمنها ما لنا تحفظٌ عليه. 
    إن عرب الجزيرة الذين ركبوا خيلهم ما ركبوها إلا للدفاع عن أنفسهم، فالممالك ذات الطبع التوسعي من حولهم قد طمعتفي دولة العرب الحديثة في المدينة، وهذا ما جعل العرب يتطبعون بهذا الطبع ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم. 
    إنه لا يجوز أن نقارن بين فتوحات العرب الذين لا يقطعون شجرة، بفتوحات غيرهم ممن يحرقون الشجر، ووصية أبو بكر مشهورة لكن ربما جعل الوصية موضوعة لإضافة بُعد ميلودرامي بشكل تعسفي تحكمي لا علمي كما قوله اللا علمي " لم تكن ثمة مشكلة في ظهوره -أي محمد- ... , ولم يتعرض له أحد , إلا في بعض الروايات اللاحقة التي تحاول أن تضفي بعد (((ميلودرامي))) للدعوة المحمدية"
    لقد فتح العرب بلاد ما وراء النهر، وكانت خرسان بلدة، فتحولت إلى عاصمة عالمية، لم ينهب العرب خيراتها لخلق حياة رغيدة في شبة الجزيرة العربية، وكانت الأندلس بلاد ميته أهلها يتصارعون، فوقعت في يد العرب فأناروها ورصفوا شوارعها في حين كانت أوربا تغرق في الظلام وتغوص في الوحل، فأي مقارنة تلك وأي إجحاف عند الحميدي العبيسان. 
    وإنه لمن الكذب الصريح أن يزعم الحميدي أن الفتوحات كانت لإجبار أهل البلاد المفتوحة على الإسلام بالسيف، حتى الفتوحات التي كانت باسم الإسلام لم يكره أهل البلاد المعتدى عليها على الإسلام، بل كانت تحت الحكم الإسلامي مع استقلال تشريعي وقضائي، وهذا لا تجده في دول القرن العشرين. إن الفتوحات الإسلامية كانت بدافع من التشريع نفسه وآخر من الآخر وهو ماذكرناه اعلاه، أما الأول فهو للسماح بعبور الدعوة الإسلامية (لمن من منعها) ولا يمنعها إلا المستبدون كما جرت العادة، وهؤلاء غالباً ما كانوا يستبشرون بالفتح الإسلامي وأقرأ التاريخ. 

    ردحذف